
يمثل العقار أهمية كبيرة للدول من منطلق حاجتها إلى الانتعاش الاقتصادي والسياحي والاستثماري وخصوصا بعد ما حل بالعالم جراء جائحة كورونا. إذ يعتبر القطاع العقاري ركيزة من ركائز التنمية في كل دولة وذلك لدوره الفعال في دفع عجلة النمو، فهو يساعد على خلق فرص العمل، إضافة إلى أنه يتيح لأصحاب المشاريع ورواد الأعمال فرص استثمارية جديدة. كما يعتبر العقار المحرك السحري مكوناً حلقة الوصل بين جميع القطاعات و المغناطيس الذي يجذب السياح والمستثمرين
يرتبط القطاع العقاري بالعديد من الأنشطة والخدمات منها ما هو مرتبط بمرحلة الإنشاءات مثل صناعة مواد البناء والاسمنت والحديد وشركات المقاولات، وأيضا يرتبط بمرحلة ما بعد الإنشاء مثل شركات الصيانة وغيرها من الصناعات المكملة لهذا القطاع. كما يرتبط بالعديد من الأنشطة الخدمية والسياحية وغيرها
فهل سيكون للسوق العقاري العُماني مكانة تساعده على رفع مستوى الأداء الاقتصادي؟
للإجابة على هذا السؤال يجب المرور بالعديد من النقاط التي من شأنها تحديد مدى تأثر السوق العقاري العُماني والأسباب التي أدت لذلك. في هذا الصدد فقد تم النقاش مع الفاضل: محمد عبد الله الخنجي – رئيس مجلس الإدارة/ الرئيس التنفيذي – الخنجي للتطوير العقاري ش.م.ع.م ( عقار ) باعتباره أحد رواد وخبراء سوق العقارات في السلطنة
حصل السيد محمد عبد الله الخنجي على درجة البكالوريوس في الاقتصاد وتخرج في عام 1994 من جامعة شمال كولورادو بالولايات المتحدة الأمريكية. وهو مستثمر رئيسي في العديد من الشركات والعقارات في سلطنة عُمان. كانت قصة كفاح ملهمة للعديد من رواد الأعمال إذ شق طريقه معتمداً على نفسه وعلى حنكته في خلق فرص استثمارية انتهت بقطف الثمار متمثلة في “عقار“
س١- ما دور السوق العقاري في تحريك عجلة التطور الاقتصادي للدول؟
اقتصاد أي دولة يعتمد بشكل أساسي على السوق العقاري، مهما كان نوع العمل صناعي، تجاري استثماري لابد أن يمر في إحدى مراحله بالسوق العقاري. العقار محرك أساسي للاقتصاد العماني والعالمي ويجب أن نعير اهتماماً أكبر بهذا المجال حتى نساهم جميعاً في نمو الاقتصاد وأن نتخطى التحديات ماضين نحو مستقبل أفضل
س٢- ما هي أهم التحديات التي يواجهها السوق العقاري العماني؟
في الواقع التحديات كبيرة ولا يمكن أن نسردها كاملة، ولكن يمكنني أن أذكر بعضاً منها بإيجاز
١- القرارات الصادرة من #وزارة العمل بتمكين القوى العمانية في المناصب السيادية والضغط المباشر على أصحاب المشاريع بتوظيف قوى بشرية تفوق طاقتها الاستيعابية، الشيء الذي أدى إلى تسريح العديد من الأجانب ومغادرتهم للبلاد مؤدياً إلى انخفاض الطلب على العقارات بشكل ملحوظ
٢- قرارات وتشريعات الاستثمار في السلطنة والضغوطات الممارسة على رواد وأصحاب المشاريع التي أدت إلى إغلاق البعض وانتقال ما تبقى منها إلى دول الجوار. الشيء الذي يؤثر سلباً على اقتصاد عُمان وايجاباً على اقتصاد دول الجوار
٣- القوى القاهرة العالمية والمتمثلة في جائحة كورونا. نحن جزء من العالم وهذا الضرر لا يمكن نكرانه أو التغاضي عنه لأنه كبير و آثاره سلبية للغاية، ولكن ندعو الله أن يرفع الغمة ويسند الأمة
س٣- ماذا يعلق الخنجي على موضوع تسريح القوى العاملة الأجنبية من السلطنة وتطبيق قانون التمكين أو الإحلال؟
في الحقيقة تطبيق قانون الإحلال أو ما يعرف بالتمكين بالآلية المتبعة حالياً كان له أثر كبير على السوق العقاري وكانت نتائجه عكسية. نحن لسنا ضد توظيف القوى العاملة الوطنية، ولكن هذا التوظيف قد يكون له نتائج إيجابية إذ كان مربوطاً بالانفتاح الاقتصادي. فانتعاش القطاع العقاري يعني زيادة في فرص الاستثمار وبالتالي زيادة فرص التوظيف بدون ضغوطات تفرض على أصحاب الشركات. فنحن مع ونشجع الانفتاح الاقتصادي الذي يضمن لنا ولأبناء الوطن فرص جديدة مقرونة بخبرات تخدم المجال وتضمن استقراره
س٤- ما هي رسالة الخنجي إلى وزارة العمل لحل هذه المعضلة والمساهمة في انتعاش السوق العقاري والاقتصاد العماني؟
في الحقيقة #وزارة العمل يفترض أن يكون دورها تنظيمي ورقابي أكثر من كونها جزءاً تنفيذياً يفرض قوانين التوظيف على رواد الأعمال وأصحاب المشاريع العمانية. وأضاف الخنجي قائلاً
من رأي الشخصي لابد من التركيز على تطوير الاقتصاد الكلي للدولة. يجب التفكير بحلول ومقترحات من شأنها تطوير الاقتصاد العُماني بشكل جدي وسريع لأن هذا التطور سيكون له تبعات إيجابية على قوانين التوظيف وسيفتح في الأفق فرص جديدة للباحثين عن عمل عن طريق انتعاش القطاعات بشتى أنواعها. ولا يجب أن يطبق قانون التشغيل بإلزام الشركات بتوظيف القوى العاملة العمانية بقدرة تفوق طاقتها الاستيعابية وخصوصاُ في الوقت الذي يمر به العالم بفترة حرجة اقتصادياً ومادياً ومعنوياً
وجدير بالذكر أن أكبر الدول الاقتصادية في العالم تطبق قانون التنوع الاقتصادي الذي يضمن لها الديمومة والثبات. وفي الوقت نفسه تستعين بالخبرات المحلية والعالمية لتملأ الفراغات وتكسب الكفاءات
في النهاية الخص كلامي في أن ” العمانيين هم الأساس، ولكن أصحاب القرار ذو الفكر الاقتصادي الفذ لابد أن يروا عُمان كدولة اقتصادية منافسة ويفرضوا على الجميع المساهمة في تطويرها والمضي بها نحو مستقبل مشرق للأجيال القادمة
س٥- ما هي توصيات الخنجي للمضي نحو الانفتاح الاقتصادي؟
في الواقع مثل ما ذكرت سابقاً أن التركيز لابد أن يكون مصبوباً على الاقتصاد الكلي وتنوع مصادر الدخل والانفتاح الاقتصادي متمثلاً في القطاع الاستثماري والقطاع السياحي وغيرها
فالقطاع السياحي على سبيل المثال إحدى أهم القطاعات المؤثرة بشكل مباشر على السوق العقاري والاقتصاد. فلو انتعش السوق السياحي من السهل جداً أن تنتعش العديد من النشاطات بدءاً من الطيران وشركات النقل والفنادق إلى غيرها من الشركات الخدمية. وعند توفر التسهيلات الاستثمارية والاقتصادية فإن السائح على الأغلب سيكون مستثمراً ومساهماً في تطور الاقتصاد العماني يوماً ما. فالحلقة هنا مكتملة ولا يمكن فصل أحد أجزائها عن الآخر
“الانفتاح الاقتصادي” هو الضامن الوحيد بعد الله أن يستعيد سوق العقارات مكانته في السلطنة وأن يساهم بشكل مباشر في تطوير الاقتصاد العماني
س٦- رسالة أخيرة من الخنجي للمسؤولين وأصحاب القرار؟
نحن نؤمن أن عُمان دولة حضارية ذات تاريخ عريق ونؤمن بحكمة أصحاب القرار وخبرتهم الواسعة في إدارة الأمور. كما نؤمن أننا جزء من هذا المجتمع ونسعى جاهداً للعمل مع الجميع للرقي بمستوى الخدمة ومجاراة التحول الإلكتروني الذي ساد العالم والغي الحدود
نتوجه برسالتنا الأخيرة إلى أصحاب القرار في وزارة العمل و وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في السلطنة
١- أن يدعموا قطاع التطوير العقاري في السلطنة باتخاذ قرارات من هدفها مساعدة أصحاب المشاريع للصمود ضد الركود الاقتصادي الذي يواجه العالم بأسره
٢- أن يخففوا الضغوطات ويقدموا المزيد من التسهيلات وخصوصا فيما يتعلق بمجال توظيف الكادر العماني بقدرة تفوق طاقتنا الاستيعابية، فجائحة كورونا كان لها دور فعال جداُ في تسريع عملية التحول الإلكتروني إذ أصبحنا نحن ملاك المشاريع والمستثمرين قادرين على الاستعانة بخبرات محلية/أجنبية دون اللجوء لعملية التوظيف الإضافي ( Freelance )
٣- التوجه إلى الانفتاح الاقتصادي وتسهيل إجراءات الاستثمار في السلطنة لأن الانفتاح الاقتصادي هو العامل الأساسي لنمو الدولة وتنويع مصادر دخلها مما يعود على الجميع بالفائدة والنفع
٤- مراجعة قوانين الاستثمار في السلطنة لضمان جذب المستثمرين وفتح الآفاق أمامهم. فمن السهل الآن فتح نشاط تجاري عبر تطبيق #استثمر بسهولة، ولكن ما مدى قدرة الشركات على الصمود في حال مواجهة التعقيدات والقرارات وجلب العمالة التي تجعل من إدارة النشاط عملية مستحيلة. ففي هذه الحالة ليس أمام المستثمر إلا أن ينقل فكرته ومشروعه التجاري أو نشاطه إلى دول الجوار وبالتالي فقد السوق العماني لفرصة استثمارية ينتج عنها تأثر الاقتصاد والتشغيل والركود على مر الزمن
” عُمان نحو الأفضل بتكاتف الجهود والحكمة في القرار وسرعة تنفيذه”